ما لم يقدم النائبان عدنان عبدالصمد وأحمد لاري على الاستقالة من عضوية مجلس الأمة، بسبب تداعيات مشاركتهما في مجلس عزاء المجرم عماد مغنية وتأبينه، فإن الأمور تتجه كما يبدو إلى الشروع بمباشرة اجراءات رفع الحصانة البرلمانية عن النائبين لمواجهة الاتهامات من طريق قضيتين: الأولى رفعت من جانب أربعة محامين، أما الثانية فهي التي تنوي الحكومة رفعها ضد كل من شارك في مجلس العزاء ومن بينهما النائبان عبدالصمد ولاري.
ومن المهم التأكيد على أن البناء القانوني للدولة في الكويت بناء قائم على دستور يتضمن الكثير من المبادئ الدستورية والقانونية الراقية كمبدأ «الفصل بين السلطات» ومبدأ «العقوبة فردية»، لذا - ومن أجل صيانة مبادئنا الدستورية وترشيد حياتنا السياسية - من المفيد أن تكون معالجتنا كدولة وأفراد لتداعيات الحدث الكريه الذي مر بنا، معالجة قانونية صرفة، لا أن نتأثر بانفعالات عاطفية يطلقها البعض من هنا وهناك!!
وللأسف الشديد فقد جرت العادة وسرى العرف عندنا في مجلس الأمة أن يقف أعضاؤه جميعا ضد طلب رفع الحصانة عن أي نائب مهما كانت القضية ومهما بلغت الاختلافات الفكرية بين النواب، وهذا سلوك يتنافى مع مغزى فكرة الحصانة البرلمانية التي ما وضعت إلا لحماية النائب من «الكيدية»، فالنائب ذو مسؤولية ذات طبيعة حساسة بحكم امتلاكه لسلاحي التشريع والرقابة، ما يجعله عرضة للاستهداف من قوى الفساد والنفوذ التي قد تتضرر مصالحها من مواقف النائب، لذلك ضمنت مادة الحصانة البرلمانية في كل دساتير العالم.
ومن المرجو حين يصل طلب رفع الحصانة إلى مجلس الأمة أن يبادر النائبان عبدالصمد ولاري إلى الطلب من زملائهم النواب الموافقة على رفع الحصانة عنهما، وإذا لم يقم النائبان بذلك فأعتقد أنه من الواجب الوطني على نواب الأمة أن يوافقوا على طلب رفع الحصانة لأن القضايا المرفوعة ضد النائبين لا تتضمن أية كيدية، خاصة أن النائب عدنان عبدالصمد من فرط ثقته بسلامة موقفه، توعد وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد بالاستجواب لأن الآخير اعتبر مغنية مجرما روع الكويت وقتل أبناءها!! فإذا كان النائب عبدالصمد واثقا إلى هذه الدرجة فليواجه القضايا الموجهة ضده هو وزميله لاري بالثقة ذاتها، لا أن يتمترس بالوقوف خلف الحصانة!!
***
موقف وطني وشجاع اتخذه النائب محمد الخليفة من خلال اصداره للبيان الذي يعد بحق علامة مضيئة في أدبيات العمل السياسي، حينما أعلن بكل عفوية وشفافية يمتاز بهما هذا النائب البطل عن عدم تمكنه من الاستمرار في عضوية كتلة العمل الشعبي إذا لم يُفصل منها النائبان عبدالصمد ولاري، وقد دفع هذا الموقف البطولي كتلة العمل الشعبي إلى الإذعان لنبض الشارع الذي عبر عنه الخليفة بعفويته المعتاده.. فإليك - أبا خليفة - مني ومن كل محبيك قبلة تطبع على جبينك.