حذرت في مقالات سابقة من المخاطر التي تهدد صناعة النفط بسبب سوء الصيانة أو شبه انعدامها بعد ان تخلت شركات النفط عن مسؤولياتها التي كانت تتكفل بها أقسام الصيانة على اختلاف اختصاصاتها الفنية ومستوى التقنية العالية والخبرة الطويلة والراقية التي كان عليها العاملون الفنيون عندما كانت أقسام الصيانة تشكل دوائر تابعة للشركات والعاملين فيها من ضمن الكوادر الفنية للشركات، وذلك قبل ان تتخلى شركات النفط عن مسؤولياتها بإلغاء الصيانة وفك ارتباطها عن التبعية الوظيفية للشركات النفطية، حيث تساهلت ادارات الشركات النفطية في موضوع الصيانة، وأوكلت المهمة الى مقاولين لا يعرفون طبيعة الصناعة النفطية وأهمية الصيانة في تجديد منشـآتها، الامر الذي دفع المقاولين المتعهدين الى جلب عمالة عربية وآسيوية رثة تفتقد الاختصاص المهني والخبرة العملية في مجالات الصناعات النفطية التي تحتاج الـى متخصصين مهنيين وعمالة فنية مدربة يعتمد عليها في الصيانة، وقد تناولنا في مقالات سابقة المستوى المتدني الذي غدت عليه الصيانة وما نتج عن ذلك من حوادث عمل وحرائق وتسربات نفطية وغازية كثيرة ما كانت معهودة في وقت الادارة الاجنبية للقطاع النفطي، ولن يكون تسرب الغاز في الاحمدي نهاية المطاف ان لم يعاد الى الصيانة وضعها الوظيفي والفني الذي كانت عليه قبل ان تفكك وتستبدل بعمالة المقاولين الحاليين، فقضية تسرب الغاز تحت بيوت الاحمدي لا تحتاج الى ذكاء ولا تأويل ولا بحث عن أسبابه ولا المتسببين في حدوثه، فالامر لا يتعدى كونه ناتجا عن شبكة توزيع الغاز على منازل الأحمدي في عهد الانكليز، وهذه الشبكة تمت تمديداتها من أنابيب نحاس وتم دفنها في عام 1950، أي منذ 61 عاما، ولطول سنوات دفنها تحت الارض وانتهاء عمرها تهالكت وتآكلت ما جعل الغاز المحكور والمضغوط يبحث عن مخارج الى سطح الارض ويهدد بكوارث قاتلة لسكان الاحمدي ومدمرة لممتلكاتهم، ولا داعي للف واللف والدوران فشركة نفط الكويت تتحمل المسؤولية لعدم متابعة صيانة أنابيب الغاز المدفون والظاهر على جوانب المنازل وان كانت أنابيب التوزيع الظاهرة على سطح الارض قد حدثت فيها تسربات كثيرة الا ان اكتشافها كان سهلاً وظاهرا للعيان، وأنا أعني ما أقوله لامتلاكي الخبرة في هذا المجال الخاص بالصناعة النفطية وصيانتها لخدمتي فيها قبل تقاعدي.