في ظل الأخبار المرعبة التي نتلقاها كل يوم حول آخر صولات وجولات «كورونا» المتحور، جاء خبر تزكية السيد محمد الصقر رئيسا لغرفة تجارة وصناعة الكويت ضمن الأخبار التي جددت بارقة الأمل في ظهور اخبار طبيعية ومفرحة ذكرتنا بحياتنا الروتينية التي افتقدناها منذ أسابيع عدة حينما اضطرت البشرية ان تدخل حجرا منزليا رغما عنها تاركة مدنها وضواحيها تغزوها كائنات غير مرئية، تلك هي قدرة الخالق وتمرد الطبيعة التي ارغمت الانسان على ان يعيد تصحيح نفسه من جديد، وإعادة هيكلة وتصحيح المشهد السياسي في الكويت باعتقادي اصبح جزءا من تلك المتطلبات.
رئاسة السيد محمد الصقر للغرفة جاءت في وقت تاريخي تزامن مع حدث عالمي وتغير دولي كبير والمتمثل بولادة نظام عالمي واقتصادي جديد، والكويت بمراكز نفوذها السياسية والاقتصادية ليست ببعيدة ولا يمكن أن تغرد خارج السرب، بل استشراف ملامح ذلك النظام اصبح ضرورة ملحة حتى نتمكن من البقاء داخل المشهد وليس خارجه. وفي اول اطلالة اعلامية لرئيس الغرفة الجديد على قناة العربية والتي كانت سريعة وخاطفة الا انها لخصت الحالة الكويتية في الوقت الراهن. وبفعل ارتباطي في حقل التدريس والذي افتقده الآن بسبب الحجر المنزلي، فقد أعجبني وصفه لأزمة الحكومة الكويتية حينما اثنى على اداء الحكومة في ادارة الأزمة «الا ان المشكلة في ان الادارة الحالية تدفع ثمن تقاعس الادارات السابقة، فهي كالطالب الذي لا يحرص على الحضور والدراسة اليومية، الا انه يأتي في نهاية السنة ويرغب بالنجاح والتفوق لذلك يحاول دراسة كامل المنهج في يوم واحد.. وهذا شيء مستحيل». بالفعل، فقد انطلق قطار الحكومة الكويتية سريعا وبالاتجاه الصحيح في ادارة ازمة ابهرت العالم على المستوى الأمني والصحي والغذائي، حتى انني اتلقى اتصالات ثناء من اصدقائي في العديد من الدول بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، يثنون على حسن وسلامة الأداء الحكومي. الا ان ذلك القطار الحكومي سرعان ما تباطأ حينما اصطدم في جبل العمالة الهامشية وتجار الاقامات، فهو جبل يطل برأسه على الأجهزة الأمنية التي استنزفت جهودها في تنظيم تلك العمالة، كما انه جلس ثقيلا على الكوادر الصحية التي يخشى الجميع انهيارها في وقت الذروة، ويقف حجر عثرة في جهود الكويت الدبلوماسية الرائعة والدؤوبة لجلب عوائلنا وابنائنا الذين لا نعلم متى سنراهم بمن فيهم اسرتي الصغيرة وطفلتي ديما وسارة. فتلك المشكلة والمتمثلة بالعمالة الهامشية والتي سببها كلا الطرفين سواء العامل الذي دفع مبالغ للحصول على الفيزا الحرة مخالفا اصول التعيين السليم، وكذلك الطرف الآخر الذي تسلم هذا المبلغ من تجار اقامات ووكلائهم في الدول المصدرة لتلك العمالة، والتي أسهمت ايضا في توتر العلاقات الخارجية الكويتية مع تلك الدول والتي لابد وأن ترتقي لبناء شراكات استراتيجية بدلا من إهدارها في قضايا ومشاكل تلك العمالة.
استشعار بوعبدالله للحالة الكويتية يدفعنا للتفاؤل بمساهمة جادة من القطاع الخاص لحل ازمة العمالة الوافدة والهامشية، فالسيد محمد الصقر بالاضافة الى كونه رئيس الغرفة مما يعني الممثل الشرعي للقطاع الخاص الكويتي، فهو ايضا رئيس المجلس الاقتصادي المصري- الكويتي، ورئيس مجلس العلاقات الدولية، وجميعها تشكل مراكز نفوذ مهمة ومؤثرة في معالجة هذا الخلل الذي يدفع ثمنه الجميع.
اطلالة مبشرة لرئيس الغرفة، فهو يتحدث بلسان حال الشارع الكويتي، الذي يتطلع لمعالجات جذرية تمكنا من الاستعداد لعالم تتشكل ابرز معالمه المزيد من الحروب القادمة بما فيها «حروب الفيروسات» فلن يغادرنا فيروس حتى يضمن بقاء أبنائه فهم جيوش الحرب الاقتصادية الجديدة، وما إن تتمكن الحكومة من الانتهاء من الأزمة الصحية الحالية حتى تدهمها ازمة صحية جديدة، ولهذا من المهم الأخذ بنصيحة بوعبدالله في الدراسة والمذاكرة اليومية حتى نتمكن من اجتياز اختبارات المستقبل.